عنوان الموضوع : خطوة عمليّة في الدفاع عن خير البريّة - المصدر : طيبة الطيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
خطوة عمليّة في الدفاع عن خير البريّة
الحمد لله والصّلاة والسّلام على أفضل خلق الله رسول ربّ العالمين، الذي بعثه رحمةً للعالمين فبلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمّة وجاهد في الله حقّ جهاده حتى أتاه اليقين، ما ترك من خير إلاّ دلّ الأمّة عليه ولا شرّ إلاّ حذّرهم منه، أفضل من مشى على الثرى وأظلّته السماء، أحسن الناس خلقًا وأعدلهم حكمًا وأرحمهم بالخَلْق أجمعين، نفديه بأنفسنا وآبائنا وأمّهاتنا وأبنائنا وكلّ مَنْ على الأرض فدًى له صلّى الله عليه وسلّم.
ما آمن به أحد وأحبّه إلاّ فاز ونجا وسعد وعلا، وما أبغضه أحد إلا خاب وخسر وضلّ وسفل.
تطاول عليه المشركون فخسروا وقتلوا، وتعدّى عليه المنافقون فذلّوا وندموا. قال تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ} (الحجر:95)، وقال سبحانه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (الكوثر:3)، وقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} (الأحزاب: من الآية53)، وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} (الأحزاب:57).
وقد صدق الصحابة من المهاجرين والأنصار في نصرتهم لنبيّهم صلّى الله عليه وسلّم وفِداهم له وبذلهم المهج والأرواح دفاعاً عنه، فهذا خبيب بن عديّ رضيّ الله عنه جاءت به قريش وقد بضعوا لحمه ثمّ وضعوه على خشبة وقالوا له: أتحبّ أن محمّدًا مكانك وأنت في أهلك، فقال: ما أحب أنّني في أهلي وأنّ محمّدًا يشاك بشوكة.
وقال حسّان بن ثابت رضي الله عنه:
هَجَوْتَ محمّدًا فأَجَبْتُ عنه
وعند الله في ذاك الجزاء
هَجَوْتَ محمّدًا برًّا حنيفًا
رسول الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولَسْتَ له بكفء؟
فشرّكما لخيركما الفداء
فإنّ أبي ووالده وعرضي
لعرض محمّد منكم وقاء
وقال الله قد أرسلْتُ عبدًا
يقول الحقّ ليس به خفاء
أمن يهجو رسول الله منكم
ويمدحه وينصره سواء
ثم يأتي في دابر الزمان قوم لا خلاق لهم ولا خلق ولا شيم ولا دين ولا رجولة أقبح الناس سيرةً وأفسدهم سريرةً وأخبثهم طويّةً، شاهت وجوههم وارتكست قلوبهم، لم يوسموا بسمة إنسان ولم يعرفوا إلا بأخلاق أخبث الحيوان، ثم يتطاولون على أرفع الخلق وأشرفهم وأكرمهم وأعزهم وأطهرهم. فأين الشيم يا معشر المسلمين؟ وأين الكرامة والشهامة؟ وأين الرجولة؟ وأين الذب عن العرض والدّين؟
لم يرض المسلمون عبر تاريخهم أن تهان امرأة في أقصى الأرض تؤمن برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيسيرون جيشًا عَرَمْرَمًا لإنقاذها، فكيف يؤذى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من خنازير الدنمارك والنرويج وكلابها ولا يتحرك منّا أحد. أين الانتماء والحب؟ أين الإيمان والنخوة؟ أين الرجولة والغيرة؟
نحن نعلم أن عاقبة الدنمارك الدّمار، هكذا كلّ مَنْ تطاول على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبر التّاريخ كلّه.
ولكن علينا جميعًا واجب شرعيّ في الدّفاع عن حبيبنا ورسولنا وقدوتنا صلّى الله عليه وسلّم، ولعلّي أذكر بعض الواجب علينا تجاه ذلك. وعلى كل أهل بلدٍ الأخذُ بما يناسبهم من الإنكار وفعل أكبر سبب لردع هؤلاء الكفرة الفجرة:
1- الدعاء عليهم.
2- حصر منتجاتهم ومقاطعتها.
3- الإنكار على جميع سفارات الدنمارك في العالم.
4- الحرب الإلكترونية بمهاجمة مواقعهم.
5- نشر فضائحهم.
6- التحذير من السّفر إلى بلادهم والدّراسة في جامعاتهم ممّا يؤثّر على اقتصادهم.
7- نشر الدّعوة الإسلامية في الدانمرك عبر كافّة الوسائل.
8- إنتاج برامج إعلاميّة متميّزة عن سيرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وشمائله ومعجزاته.
9- إنتاج برامج متميّزة تختصّ بالدفاع عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
10- إنتاج شريط صوتي عن سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتضمّن مقاطع من محاضرات وخطب قويّة لخطباء متميّزين.
11- تخصيص البرامج الحيّة بحلقاتٍ حول هذا الموضوع في القنوات الفضائية.
12- نشر شمائل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبأساليب أدبيّة راقية في المواقع الإلكترونية العربية وغيرها.
13- إحياء الوعي الشّعبيّ عبر المحاضرات والخطب والدروس وكافّة المنابر الإعلاميّة لتكثيف الجهود من قبل الشّعوب والحكومات.
14- الإشادة بمواقف سفارات الدول الإسلاميّة التي سجّلت مواقف إيجابيّة ضدّ الدانمرك.
15- نشر كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول صلّى الله عليه وسلّم لشيخ الإسلام ابن تيميّة وتلخيصه وعرض فقرات منه عبر وسائل الإعلام وفي المدارس والمساجد.
16- إحياء دروس السّيرة النّبويّة وشمائل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وإقامة دورات عاجلة في السّيرة والشّمائل.
17- حثّ الشّعراء على نظم قصائد بهذه المناسبة.
18- انتقاء ونشر قصائد من المدائح النّبويّة الجادّة البعيدة عن الغلوّ.
19- توعية النّاس بعِظَم الخَطْبِ عبر رسائل الجوّال.
20- تفعيل دور المسلمين في الغرب للإنكار والاحتساب.
21- الردود المكثّفة الموجّهة إلى الصحف الخبيثة.
22- إيجاد موقع في الإنترنت خاصّ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
أخي الكريم : هذا في نظري أقلّ الواجب بل من أصغر الحقوق التي تلزمنا تجاه نبيّنا صلّى الله عليه وسلم، لقد قال حسّان رضي الله عنه قولته وفعل فعلته في نصرة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم وكفى بهذا فخراً وأجراً حتى إنّ عائشة رضي الله عنها ترى أنّ حسّاناً قد غفر له بهذه الكلمات كلّ ذنب ارتكبه، فسجّلْ موقفًا لك في نصرة نبيّك صلّى الله عليه وسلّم تذكر به فتشكر عليه.
كتبه
د. يحي بن إبراهيم اليحي
المدينة النبويّة
عنوان الموضوع : نصرة محمد صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم - المصدر : موقع الشيخ حامد العلي
نصرة محمد صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم
لفضيلة الشيخ : حامد بن عبدالله العلي
- المشرف على الموقع -
الحمد لله رب العالمين ،والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلاّ على الظالمين ، وأشهـد لا إله إلاّ الله رب العالمــين ، وقيوم السماوات والأرضين ، ومالك يوم الدين ، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ، عبده ، ورسوله وأمينه على وحيه ، وخيرته من خلقه ، وسفيره بينه وبين عباده ، المبعوث بالدين القويم ، والمنهج المستقيم ، أرسله الله رحمة للعالمين وإماما للمتقين ، وحجة على الخلائق أجمعين ، أرسله على حين فترة من الرسل فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل .
تزيّنت لبعثته السموات ، وتعطر لقدومه الزمان ، وتطيّبت الأوقات ، وأشرقت الأرض نورا ، وامتلأ الفضاء عبيرا ،،
شهدت بفضل مقامك الأكوان ** وترنمت فرحا بك الأزمـــــانُ
وتباشرت كل السماء وكبــــّـرت ** والأرض في عرس كذا الأركانُ
وتعرّف الإنسان أعلام الهــــدى** لولاك ضــــــــلّ بجهله الإنسانُ
ماضرّ تاج الكون في عليـــــاءه ** ما ضرّه أن ينبــــــــــــح الشيطانُ
وتطاول الدنمرك في أحقادهم** ستذيقهم حــــــر اللظى النيرانُ
سينالهم منا لهيـــــب حارق ** فيدكهـــــــم وتلفّهــــــــــم أحزانُ
أما بعد أيها المسلون في مشارق الأرض ومغاربها :
هذا بيان ونداء ، وعلى الله البــــــلاغ :
قال تعالى /
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ"
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللهِ فَضْلاُ كَبِيرًا}
وقال :
- {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}
وقال :
- {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}
ـ وقال صلى الله عيه وسلم: "أنا أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة" صحيح مسلم.
- وقال صلى الله عليه وسلم: "أنا أول شفيع في الجنة، لم يُصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن نبيًا من الأنبياء ما صدقه من أمته إلا رجل واحد" صحيح مسلم.
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيام، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع ومشفع" صحيح مسلم.
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون" رواه الترمذي وابن ماجه وهو حديث حسن صحيح.
8- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي، كمثل رجل بنى بنيانًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون لـه، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين" رواه البخاري ومسلم.
9- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني عند الله مكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم بأول أمري: دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني، وقد خرج لها نور أضاءت لها منه قصور الشام". رواه أحمد والطبراني والبيهقي وصححه ابن حبان (لمنجدل: ملقى على الأرض).
اذا نحن ادلجنا وانت امامنا **كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديا
وان نحن اضللنا الطريق ولم نجد ** دليلا كفانا نور وجهك هاديا ـ ابن القيم
وقد فرض الله تعالى علينا نصرته بكل ما نملك وقال :
( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )
وقال عزّ من قائل :
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
وقد فرض الله تعالى على العباد طاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وتعزيره ، وتوقيره ، ومحبته، والقيام بحقوقه ، ونصرته والذبّ عن عرضه ، وصيانة شرف منزلته العليا في الخلق أن يمسّها أحد بسوء.
واختارنا نحن لنكون أمته ، وشرفنا بذلك أعظم تشريف ، ومن أعظم حقه علينا ، وبه نشكر نعمة الله إلينا ،
أن ننصره ونوالي من ينصره ، ، ونعادي من يعاديه ، ونخلعه ،ونكفره ، ونقطع لسان من يناله بشـرّ ، ونبدي له صفحة العداوة حتى ينزع ، و يرتدع ،
فمحمد صلى الله عليه وسلم إمامنا ، وقائد أمتنا ، وهـو أبونا ، وأزواجه أمهاتنا ، ونحن جميعا أخوة في هذه الأمة ، كالجسد الواحد ، فمن نال قائدنا ونبيّنا خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم ، وسيد المرسلين ، وخليل رب العالمين ، بسوء فقد نالنا بأعظم السوء ، ومن تجرأ عليه فقد تجرأ على أعزّ ما لدينا ، ومن تطاول فقد بغى أعظم البغي علينا.
فهبوا يا أمّة محمد صلى الله عليه وسلم ، هبُّوا لنصر دينكم ، والدفاع عن نبيكم صلى الله عليه وسلم ،
وقاطعوا المنتجات الدنماركية وألقوها في وجوههم ،
وأعلنوا نبذها في كل مكان ، واسعوا في إيقاف هذه الحملة الجائرة المشينة التـي كشفت حقيقة الحقد الغربي على دين الإسلام ،
أرموا العِدى أيّها الأبطال
أرمو العدى حتى يروا في بأسنا ** بأس الأسود ولا يقومُ لنا أحــد
عنوان الموضوع : حياة الأمة في الاستهزاء بمحمد صلى الله عليه وسلم!! - المصدر : منابر الدعوة
حياة الأمة في الاستهزاء بمحمد صلى الله عليه وسلم!!
بقلم : الشيخ د. عبدالسلام الحصين
حين وقع بعض الناس في عرض عائشة رضي الله عنه تعالى عنها، شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام على المنبر فقال: ((من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيرًا))، ومكث شهرًا لا ينزل عليه في شأنها شيء، حتى إنه هم في فراق عائشة، وهي أحب الناس إليه، واستشار في ذلك زيد بن حارثة، وعلى ابن أبي طالب، ومع كل ذلك فقد جعل الله هذا سببًا لخير عظيم، فقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)} [سورة النــور 24/11]، وإنا لنرجو أن يكون ما وقع في حق رسولنا صلى الله عليه وسلم خيرًا لنا في ديننا ودنيانا، وإن كان ذلك سببًا لغيظ صدورنا وإدخال الضرر علينا، ولكن المحن يكون في طيها المنح.
لم يكن هذا أول أمر يقع من الأعداء يغيظ المؤمنين ويستذلهم، ويسخر بهم، فلقد فعلوا شيئًا كثيرًا، من انتهاك الأعراض، وامتهان القرآن تارة بوضع أوراقه الشريفة في مكان لا يليق، وتارة بمحاولة تحريفه، والعبث فيه، وتغيير ألفاظه ومعانيه.
وهذا إنما يدل على ضعف المسلمين وتفرقهم وتخاذلهم، وتقاعسهم عن القيام بنصرة دينهم، وعدم أخذ أسباب القوة في الدفاع عن عقيدتهم، وركونهم إلى الظالمين، ورضاهم بالدنيا واطمئنانهم بها.
إلا أن هذا الحادث كان له أعظم الأثر لعدد من الأمور:
أولاً: تعلقه بالنبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، وإظهاره في مظهر لا يليق.
ثانيًا: وقاحة الصحافة الدنماركية ومجاوزتها الحد في الاستمرار في هذا العمل البشع.
ثالثًا: عدم تقديم أي اعتذار، بل الاحتجاج لهذا الفعل بحرية التعبير.
إن حرب الكفار للمسلمين، ونيلهم من معتقداتهم وحرماتهم لا يقع في الغالب إلا عن دراسة، ويؤخذ في الحسبان الحذر من إثارة الغضب العام، والابتعاد عما يكون فيه اتفاق بين المسلمين كلهم، ولهذا ينالون من كل مجتمع، أو أصحاب توجه ومعتقد معين على حدة، بحيث لا ينتصر له الآخر، ويسول له الشيطان أن الأمر لا يعنيه، وربما يفرح لوقوع هذا بإخوانه بسبب ما بينهم من العداوة، ويكون موقف المسلمين ضعيفًا، كما وقع في محاربة أمريكا لعدد من الدول الإسلامية، ولبعض الحركات والتوجهات.
وحين يقع ما يحتمل أن يكون فيه اتفاق بين المسلمين، وتبدأ ردود الفعل تظهر على السطح، ويخشى من انتشارها واستمرارها، تسارع الدول الكافرة إلى امتصاص الغضب، وحرف القضية عن مسارها بعدد من الطرق.
لكن هذه الدولة الصغيرة الحقيرة لم تفعل ذلك، واستمرت في جهالتها وغيها.
لقد كشفت هذه الأزمة عن وجود غيرة كامنة في النفوس، وحرقة على دين الله، ومحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن شابها شيء من التصرفات الخاطئة، وإصابة قومٍ بجهالة.
كما كشفت عن أن الأمة يمكنها أن تفعل شيئًا، وأنها إذا غضبت، واجتمع غضبها على شيء، فلن يقف في وجهها أحد.
كما كشفت هذه الأزمة عن عدد من السلبيات في حياة المسلمين يجب أن يحرصوا على إزالتها، وهي:
1- انعدام القيادات الصادقة في أغلب بلدان المسلمين على المستوى السياسي والعلمي، التي تجتمع عليها الأمة وتصدر عن رأيها، ويدل على هذا تفاوت تصرفات المسلمين، واختلاف ردود أفعالهم، كما أن المطلوب من الدنمارك ليس شيئًا متفقًا عليه، فالدول الإسلامية على المستوى الرسمي تطالب بالاعتذار ممن صدرت منه الإساءة، وإيقاف مثل هذا التصرف في المستقبل، بينما تجد شريحة أخرى تذهب إلى أبعد من ذلك.
2- انحصار ردود الفعل -في الغالب- في التصرفات السلبية كالمقاطعة مثلاً، أو التصرفات العشوائية، التي تسيء إلى الإسلام، من حرق السفارات، وإشاعة الفوضى، ووقوع حالات قتل في صفوف المسلمين بسبب عدم انضباط الناس في إظهار غضبهم.
3- جهل قطاع كبير من المسلمين بحقوق النبي صلى الله عليه وسلم، ووسيلة نصره، وظنهم أن ذلك إنما يكون بالخروج في الشوارع وحرق الأعلام، وإشاعة الفوضى، وغير ذلك من التصرفات.
4- عدم استغلال هذا الموقف لتصحيح واقع المسلمين، والخروج بهم من ظلمات الجهل والهوى، إلى نور العلم والهدى.
5- ضعف المسلمين، وقلة حيلتهم، وهوانهم على الناس، فإن الأمة القوية لا تكون ردود أفعالها تجاه الاستهزاء بقدوتها وحبيبها بمثل هذه التصرفات، وهذا يوجب على الأمة أن تأخذ بأسباب القوة، وأن تسعى لأن تكون مرهوبة الجانب.
هل يمكن أن تحيى الأمة، وأن تستفيق من سباتها، وأن تنظم صفوفها، وتتبع كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم؛ لكي تنتقم لنبيها حقًا، وترد كيد الأعداء في نحورهم.
هذا هو المأمل، وإلا فإن الله يتولى عمن يخذل نبيه، ولا ينصره، ويستبدل بهم قومًا يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، والله ناصر دينه، ومنتقم لرسوله، ولو كره الكافرون.
الإدارة
عنوان الموضوع : بيان في فضل الجهاد في سبيل الله وأن المقاطعة الإقتصاديه ركن من أركان الجهاد - المصدر : الموقع الذهبي للإسلام
بيان في فضل الجهاد في سبيل الله وأن المقاطعة الإقتصاديه ركن من أركان الجهاد
لفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي - رحمه الله
فضل الجهاد في سبيل الله أخبر الله في كتابه أن الجهاد سبب الفلاح وطريق العز والرفعة والنجاح ، وأنه أفضل التجارات الرابحة ، وأن أهله أرفع الخلق درجات في الدنيا والآخرة .. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بالجهاد تتم النعم الباطنة والظاهرة . وهو ذروة سنام الدين وأحب الأعمال إلى رب العالمين، وأن الروحة والغدوة واليوم والليلة في الجهاد ومصابرة الأعداء خير من الدنيا وما عليها ، وأنه خير من استيعاب الليل والنهار بالصيام والقيام وأنواع التعبد ، وأن المجاهد المصابر إذا مات وَجَبَتْ له الجنة وأجري له عمله الذي كان يعمله في الدنيا إلى يوم القيامة ، وأمن من فتن القبر وعذابه ، وأن ذنوبه صغارها وكبارها يغفرها الله ما عدا ديون العباد ، وأن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض أعدها الله للمجاهدين في سبيله ، وما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار .
ومن مات لم يغزُ ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق .. أي ومن غزا في سبيل الله أو استعد للغزو عند الحاجة إليه فقد كمل إيمانه وبرئ من النفاق .
وفضائل الجهاد لا تعد ولا تحصى ، وثمراته العاجلة والآجلة لا تحد ولا تستقصى، وكيف لا يكون الجهاد في سبيل الله يحتوي على هذه الفضائل الجليلة وفيه عز الدنيا وسعادتها وفيه سعادة الآخرة وكرامتها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . كيف لا يكون بهذه المثابة وفيه عز الإسلام والمسلمين ، وفيه إقامة شعائر وشرائع الدين ، وفيه قمع الطاغين والمعتدين .. فالمجاهد قد استعد وتصدى أن يكون من أنصار الله الذابين عن دين الله ، والمجاهد قد سلك كل سبيل يوصله إلى الله ، والمجاهد قد شارك المصلين في صلاتهم والمتعبدين في عباداتهم والعاملين في كل خير في أعمالهم لأنه لا سبيل لقيام هذه الأمور إلا بالجهاد والذب عن الأوطان والأديان ، فلولا المجاهدون لهدمت مواضع العبادات ، ولولا دفع الله بهم لتصدع شمل الدين واستولت الأعداء من الكافرين الطاغين .. فالجهاد سور الدين وحصنه ، وبه يتم قيامه وأمنه، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز .
فيا أنصار الدين .. ويا حماة المسلمين .. ويا خيرة المجاهدين ..
هذه أيامكم قد حضرت ، وهذه أمم الكفر والطغيان قد تجمعت على حربكم وتحزبت ، فقد أتوكم في عقر داركم .. غرضهم القضاء التام على دينكم وأقطاركم ، فانفروا لجهادهم خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون ..
{يا أيها الذين هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين } .
ألم تروا كيف جعل الله الجهاد أربح التجارات، وطريقا إلى المساكن الطيبة في جنات النعيم ، ووعدهم بالنصر منه وفتح قريب ، والله تعالى لا يخلف الميعاد .
{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }
قوموا بالجهاد مخلصين لله قاصدين أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى .. حافظوا على الوحدة الدينية ، والأخوة الإيمانية ، والحماية العربية .. ولتكن كلمتكم واحدة وأغراضكم متحدة ومقاصدكم متفقة وسعيكم نحوها واحد ، فإن الاجتماع أساس القوة المعنوية ، ومتى اجتمع المسلمون واتفقوا وصابروا أعداءهم وثبتوا على جهادهم ولم يتفرقوا وعملوا الأسباب النافعة واستعانوا بربهم .. متى كانوا على هذا الوصف فليبشروا بالعز والرفعة والكرامة .
{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } .
{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون * ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم إن الله مع الصابرين } .
إخواني :
اعلموا أن الجهاد يتطور بتطور الأحوال ، وكل سعي وكل عمل فيه صلاح المسلمين وفيه نفعهم وفيه عزهم فهو من الجهاد ، وكل سعي وعمل فيه دفع لضرر على المسلمين وإيقاع الضرر بالأعداء الكافرين فهو من الجهاد، وكل مساعدة للمجاهدين ماليا فإنها من الجهاد .. فمن جهز غازيا فقد غزى، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزى، وإن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة : صانعه يحتسب فيه الأجر ، والذي يساعد به المجاهدين ، والذي يباشر به الجهاد .
ومن أعظم الجهاد وأنفعه السعي في تسهيل اقتصاديات المسلمين والتوسعة عليهم في غذائياتهم الضرورية والكمالية ، وتوسيع مكاسبهم وتجاراتهم وأعمالهم وعمالهم ، كما أن من أنفع الجهاد وأعظمه مقاطعة الأعداء في الصادرات والواردات فلا يسمح لوارداتهم وتجاراتهم ، ولا تفتح لها أسواق المسلمين ولا يمكنون من جلبها على بلاد المسلمين .. بل يستغني المسلمون بما عندهم من منتوج بلادهم، ويوردون ما يحتاجونه من البلاد المسالمة . وكذلك لا تصدر لهم منتوجات بلاد المسلمين ولا بضائعهم وخصوصا ما فيه تقوية للأعداء : كالبترول ، فإنه يتعين منع تصديره إليهم .. وكيف يصدر لهم من بلاد المسلمين ما به يستعينون على قتالهم ؟؟! فإن تصديره إلى المعتدين ضرر كبير ، ومنعه من أكبر الجهاد ونفعه عظيم .
فجهاد الأعداء بالمقاطعة التامة لهم من أعظم الجهاد في هذه الأوقات ، ولملوك المسلمين ورؤسائهم – ولله الحمد – من هذا الحظ الأوفر والنصيب الأكمل ، وقد نفع الله بهذه المقاطعة لهم نفعا كبيرا .. وأضرت الأعداء وأجحفت باقتصادياتهم ، وصاروا من هذه الجهة محصورين مضطرين إلى إعطاء المسلمين كثيرا من الحقوق التي لولا هذه المقاطعة لمنعوها ، وحفظ الله بذلك ما حفظ من عز المسلمين وكرامتهم .
ومن أعظم الخيانات وأبلغ المعاداة للمسلمين تهريب أولي الجشع والطمع الذين لا يهمهم الدين ولا عز المسلمين ولا تقوية الأعداء نقود البلاد أو بضائعها أو منتوجاتها إلى بلاد الأعداء ..! وهذا من أكبر الجنايات وأفظع الخيانات ، وصاحب هذا العمل ليس له عند الله نصيب ولا خلاق .
فواجب الولاة الضرب على أيدي هؤلاء الخونة ، والتنكيل بهم ، فإنهم ساعدوا أعداء الإسلام مساعدة ظاهرة ، وسعوا في ضرار المسلمين ونفع أعدائهم الكافرين .. فهؤلاء مفسدون في الأرض يستحقون أن ينزل بهم أعظم العقوبات .
والمقصود أن مقاطعة الأعداء بالاقتصاديات والتجارات والأعمال وغيرها ركن عظيم من أركان الجهاد وله النفع الأكبر وهو جهاد سلمي وجهاد حربي .
وفق الله المسلمين لكل خير وجمع كلمتهم وألف بين قلوبهم وجعلهم إخوانا متحابين ومتناصرين ، وأيدهم بعونه وتوفيقه ، وساعدهم بمدده وتسديده إنه جواد كريم رؤوف رحيم ..
و صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
قال ذلك وكتبه :
عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي - رحمه الله .